موضوع حول تاريخ الدول الإسلامية في الشرق

                                                             نبذة النيل والفرات:
وبالعودة فإن هذا الجزء الذي تم تحقيقه تاريخ الدولة الإسلامية في المشرق هو الفصل الخامس في كتاب "التاريخ الغياثي" والذي جاء تحت عنوان "أخبار المغول والترك" وقسمه المؤلف إلى سبعة طوائف (دول)، أولها الطائفة الجنكزخانية، والثانية الشيخ حسنيه، والثالثة المظفرية، والرابعة الجفتاي، والخامسة التركمان البارانية (قراقونيلو)، والسابعة الجراكسة في بلاد الشام، والسادسة البياندرية (اق قوينلو).الكتاب هو جزء من "التاريخ الغياثي" للمؤلف عبد الله بن فتح الله البغدادي المعروف بالغياثي. من كتب التاريخ العام التي تبدأ بأول الخليقة وتنتهي بعصر المؤلف، وقد قسم المؤلف كتابه إلى مقدمه وستة فصول. عرض الفصل الأول منه للأنبياء والأولياء، والثاني لملوك الفرس، والثالث لخلفاء الإسلام، والرابع لملوك الإسلام الذين كانوا حكاماً في دولة بني العباس، وعلى حين خصص الخامس منه لذكر أخبار الترك والمغول، والسادس لذكر السيد محمد المشهور بالمشعشع.
أما الفصل السادس نقد ذكره المؤلف في أخبار الطائفتين الخامسة والسادسة، ولكنه ساقط من المخطوط، ولم يُعلَم عنه شيئاً، ويعد هذا الجزء من تاريخ الغياثي ذا فائدة كبيرة لأنه شمل حقبة زمنية غامضة امتدت من سقوط بغداد سنة 656هــ إلى إنتهاء حوادث الكتاب سنة 891هــ، إذ حوى عرضاً لأحوال الدول التي حكمت في العراقين العربي والعجمي إضافة إلى سوريا ومصر والدولة العثمانية، لكن أكثر حوادثه تتعلق بالعراق وقد قال المؤلف عن ذلك "... فخطر لي أن أكتب هذه الأوراق ببعض ما جرى في زماننا بأرض العراق".
ولما كان المؤلف قد وجه عنايته إلى العراق، فقد قدم أخبار مهمة عن الآثار العمرانية في زمن الجلائريين، ولا تزال قائمة حتى الوقت الحاضر. وكذلك الأخبار التي تخص العراق بعد وفاة السلطان أحمد الجلائري وبقايا الجلائريين فيه، وعلاقتهم بالشاه محمد بن قرا يوسف وحالة العراق في عهده. ويمكن القول بأن الغياثي انفرد بذكر الأخبار التي تخص العراق خلال حكم الشاهين محمد واسيان في السنين (814-837هــ) و(837-843هـ) والتي لا توجد في المصادر الأخرى، كما أنه توسع في أخباره عن المشعشين وعلاقتهم بالقره فونيلو والاق قوينلو، كما قدم وصفاً مسبهاً لأوضاع بغداد، وشيئاً عن أحوال مناطق أخرى من العراق، في أثناء حصار جها نشاه لها سنة 849- 850هـ. ومن الطريف في تاريخ الغياثي أنه أضاف معلومات جديدة عن العلاقة الحربية بين العثمانيين في زمن بايزيد الثاني وقايتباي سنة 891هــ. لم تذكرها المصادر العربية والتركية. وإذا كان الكتاب قد كشف عن أهمية الكتاب من حيث معلوماته من الجانب السياسي فإنه بالإضافة إلى ذلك يقدم نصوصاً أخرى مفيدة ومعلومات تغطي الحياة الإقتصادية والإجتماعية والإدارية والثقافية في هذه الحقبة في تاريخ العراق.
ونظراً لأهمية الكتاب، ومن أجل إخراج النص على نحو علمي يُطمأن إليه اعتمد المحقق الوسائل العلمية المعروفة لإبرازه بصورة مرضية، مثال ذلك أن المؤلف استفاد من بعض الكتب العربية والفارسية، فكانت مادتها وسيلة المحقق لتصحيح ومقارنة ما ورد في الكتاب من جهة، وإدخال بعض النصوص المهمة أو الساقطة في الأصل من جهة أخرى، كما وردت في الهامش بعض الإضافات التي أشار إليها الناسخ فقام المحقق بإدخالها في النص، بالإضافة إلى ذلك عمل المحقق على ضبط وتخريج الآيات القرآنية التي وردت في الكتاب، كما عمل على ترجمة الأشعار الفارسية والتركية، وبعض صفحات المخطوطة التي جاءت مكتوبة باللغة التركية في الهامش.

0 التعليقات: